فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: تزوّجها في رجب، وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيسير، وهي أوّل من لحقه من أهل بيته.
رضي الله عنها.
ومنهنّ: زينب أمّها خديجة تزوّجها ابن خالتها أبو العاصي بن الربيع، وكانت أمّ العاصي هالة بنت خويلد أخت خديجة.
واسم أبي العاصي لَقِيط.
وقيل هاشم.
وقيل هُشيم.
وقيل مِقْسم.
وكانت أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفيت سنة ثمان من الهجرة، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها.
ومنهنّ: رُقَيَّة أمّها خديجة تزوجها عُتبة بن أبي لَهَب قبل النبوّة، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ} قال أبو لهب لابنه: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلّق ابنته؛ ففارقها ولم يكن بَنَى بها.
وأسلمت حين أسلمت أمّها خديجة، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي وأخواتها حين بايعه النساء، وتزوّجها عثمان بن عفان، وكانت نساء قريش يقلن حين تزوّجها عثمان:
أحسنُ شخصين رأى إنسانُ ** رقيةٌ وبعلها عثمانُ

وهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين، وكانت قد أسقطت من عثمان سقطًا، ثم ولدت بعد ذلك عبد الله، وكان عثمان يُكْنَى به في الإسلام، وبلغ ست سنين فنقره ديك في وجهه فمات، ولم تلد له شيئًا بعد ذلك.
وهاجرت إلى المدينة ومرضت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى بدر فخلّف عثمانَ عليها، فتوفّيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر، على رأس سبعة عشر شهرًا من الهجرة.
وقدم زيد بن حارثة بشيرًا من بدر، فدخل المدينة حين سوَّى التراب على رُقَيَّة.
ولم يشهد دفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهنّ: أم كلثوم أمّها خديجة تزوّجها عُتيبة بن أبي لهب أخو عتبة قبل النبوّة، وأمره أبوه أن يفارقها للسبب المذكور في أمر رقية، ولم يكن دخل بها، فلم تزل بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأسلمت حين أسلمت أمها، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخواتها حين بايعه النساء، وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما توفّيت رقية تزوّجها عثمان، وبذلك سمي ذا النُّورَيْن.
وتوفيت في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسع من الهجرة.
وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها، ونزل في حفرتها عليّ والفضل وأسامة.
وذكر الزبير بن بكار أن أكبر ولد النبيّ صلى الله عليه وسلم: القاسم، ثم زينب، ثم عبد الله، وكان يقال له الطيّب والطاهر، ووُلد بعد النبوّة ومات صغيرًا.
ثم أمّ كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية.
فمات القاسم بمكة ثم مات عبد الله.
الثانية: لما كانت عادة العربيات التبذّل، وكنّ يكشفْن وجوههنّ كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وكنّ يتبرّزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكُنُف فيقع الفرق بينهن وبين الإماء، فتُعرف الحرائر بسترهن، فيكُفّ عن معارضتهن من كان عذَبا أو شابًّا.
وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرّز للحاجة فيتعرضّ لها بعض الفجار يظن أنها أَمَة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ونزلت الآية بسبب ذلك.
قال معناه الحسن وغيره.
الثالثة: قوله تعالى: {مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} الجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب أكبر من الخمار.
وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء.
وقد قيل: إنه القناع.
والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن.
وفي صحيح مسلم عن أمّ عطيّة قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: «لِتُلْبِسْها أختُها من جلبابها».
الرابعة: واختلف الناس في صورة إرخائه؛ فقال ابن عباس وعَبيدة السَّلْمانيّ: ذلك أن تلوِيه المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تُبصر بها.
وقال ابن عباس أيضًا وقتادة: ذلك أن تلويه فوق الجبين وتشدّه، ثم تعطِفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه.
وقال الحسن: تغطّي نصف وجهها.
الخامسة: أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر، وأن ذلك لا يكون إلا بما لا يصف جلدها، إلا إذا كانت مع زوجها فلها أن تلبس ما شاءت؛ لأن له أن يستمتع بها كيف شاء.
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: «سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن من يوقِظ صواحب الحجر رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ في الآخرة».
وروي أن دِحْيَةَ الكلْبيّ لما رجع من عند هِرقْل فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قُبْطِيّة؛ فقال: «اجعل صديعًا لك قميصًا وأعط صاحبتك صديعًا تختمر به» والصّديع النصف.
ثم قال له: «مُرْها تجعل تحتها شيئًا لئلا يصف» وذكر أبو هريرة رقّة الثياب للنساء فقال: الكاسيات العاريات الناعمات الشقيّات.
ودخل نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها عليهنّ ثياب رِقاق، فقالت عائشة: إن كنتنّ مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعينه.
وأدخلت امرأة عروس على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار قُبْطِيّ مُعَصْفَر، فلما رأتها قالت: لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نساء كاسيات عاريات مائلات مُمِيلات رءوسهن مثل أسنمة البُخْت لا يَدخلْنَ الجنة ولا يجدْنَ ريحها» وقال عمر رضي الله عنه: ما يمنع المرأة المسلمة إذا كانت لها حاجة أن تخرج في أطمارها أو أطمار جارتها مستخفية، لا يعلم بها أحد حتى ترجع إلى بيتها.
السادسة: قوله تعالى: {ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ} أي الحرائر، حتى لا يختلطن بالإماء، فإذا عُرفن لم يقابلن بأدنى من المعارضة مراقبة لرتبة الحرّية، فتنقطع الأطماع عنهن.
وليس المعنى أن تُعرف المرأة حتى تُعلم من هي.
وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمَة قد تقنعت ضربها بالدرّة، محافظة على زيّ الحرائر.
وقد قيل: إنه يجب الستر والتقنعّ الآن في حق الجميع من الحرائر والإماء.
وهذا كما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا النساء المساجد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» حتى قالت عائشة رضي الله عنها: لو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا لمنعهنّ من الخروج إلى المساجد كما مُنعت نساء بني إسرائيل.
{وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا} تأنيس للنساء في ترك الجلابيب قبل هذا الأمر المشروع. اهـ.

.قال أبو السعود:

{يا أيها النبى}.
بعدَ ما بيَّن سوءَ حالِ المُؤذين زَجْرًا لهم عن الإيذاءِ أمرَ النبيَّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بأنْ يأمرَ بعضَ المتأذِّين منهُم بما يدفعُ إيذاءَهم في الجُملةِ من السترِ والتميزِ عن مواقعِ الإيذاءِ فقيلَ: {قُل لأزواجك وبناتك وَنِسَاء المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} الجلباب ثوبٌ أوسعُ من الخمارِ ودُونَ الرِّداء تلويهِ المرأةُ على رأسِها وتُبقي منه ما تُرسله على صدرِها وقيل: هي الملْحفةُ وكل ما يُتسترُ به، أي يغطينَّ بها وجوههنَّ وأبدانهنَّ إذَا برزن لداعيةٍ من الدَّواعِي، ومِنْ للتبعيضِ لما مرَّ منْ أنَّ المعهودَ التَّلفعُ ببعضِها وإرخاءُ بعضِها. وعن السُّدِّيِّ: تُغطيِّ إحدَى عينيها وجبهتَها والشقَّ الآخرَ إلا العينَ {ذلك} أي ما ذُكر من التَّغطِّي {أدنى} أقربُ {أَن يُعْرَفْنَ} ويُميزنَّ عن الإماءِ والقيناتِ اللاتِي هنَّ مواقعُ تعرُّضِهم وإيذائِهم {فَلاَ يُؤْذَيْنَ} من جهةِ أهلِ الرِّبيةِ بالتعرضِ لهنَّ {وَكَانَ الله غَفُورًا} لما سلفَ منهنَّ منَ التَّفريطِ {رَّحِيمًا} بعبادِه حيثُ يُراعي من مصالحهم أمثالَ هاتيكَ الجُزئياتِ. اهـ.

.قال الألوسي:

{يا أَيُّهَا النبى} بعد ما بين سبحانه سوء حال المؤذين زجرًا لهم عن الإيذاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يأمر بعض المتأذين منهم بما يدفع إيذاءهم في الجملة من التستر والتميز عن مواقع الإيذاء فقال عز وجل: {قُل لازواجك وبناتك وَنِسَاء المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} روي عن غير واحد أنه كانت الحرة والأمة تخرجان ليلًا لقضاء الحاجة في الغيظان وبين النخيل من غير امتياز بين الحرائر والإماء وكان في المدينة فساق يتعرضون للإماء وربما تعرضوا للحرائر فإذا قيل لهم يقولون حسبناهن إماء فأمرت الحراير أن يخالفن الإماء بالزي والتستر ليحتشمن ويهبن فلا يطمع فيهن، والجلابيب جمع جلباب وهو على ما روي عن ابن عباس الذي يستر من فوق إلى أسفل، وقال ابن جبير: المقنعة، وقيل: الملحفة، وقيل: كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها، وقيل: كل ما تتستر به من كساء أو غيره، وأنشدوا:
تجلببت من سواد الليل جلبابا

وقيل هو ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء، والادناء التقريب يقال أدناني أي قربني وضمن معنى الارخاء أو السدل ولذا عدي بعلى على ما يظهر لي، ولعل نكتة التضمين الإشارة إلى أن المطلوب تستر يتأتى معه رؤية الطريق إذا مشين فتأمل.
ونقل أبو حيان عن الكسائي أنه قال: أي يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن ثم قال: أراد بالانضمام معنى الأدناء، وفي الكشاف معنى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ} يرخين عليهن يقال إذا زل الثوب عن وجه المرأة أدنى ثوبك على وجهك.
وفسر ذلك سعيد بن جبير بيسدلن عليهن، وعندي أن كل ذلك بيان لحاصل المعنى، والظاهر أن المراد بعليهن على جميع أجسادهن، وقيل: على رءوسهن أو على وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه.
واختلف في كيفية هذا التستر فأخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر، وقال السدى: تغطى إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين، وقال ابن عباس.
وقتادة: تلوى الجلباب فوق الجبين وتشده ثم تعطفه على الألف وإن ظهرت عيناها لكن تستر الصدر ومعظم الوجه، وفي رواية أخرى عن الحبر رواها ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه تغطى وجهها من فوق رأسها بالجلباب وتبدي عينا واحدة.
وأخرج عبد الرزاق وجماعة عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كان على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: رحم الله تعالى نساء الأنصار لما نزلت {مُّبِينًا يا أَيُّهَا النبى قُل لازواجك وبناتك} الآية شققن مروطهن فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رءوسهن الغربان.
ومن للتبعيض ويحتمل ذلك على ما في الكشاف وجهين، أحدهما أن يكون المراد بالبعض واحدًا من الجلابيب وإدناء ذلك عليهن أن يلبسنه على البدن كله، وثانيهما أن يكون المراد بالبعض جزأ منه وإدناء ذلك عليهن أن يتقنعن فيسترن الرأس والوجه بجزء من الجلباب مع إرخاء الباقي على بقية البدن، والنساء مختصات بحكم العرف بالحرائر وسبب النزول يقتضيه وما بعد ظاهر فيه فإماء المؤمنين غير داخلات في حكم الآية.
وعن عمر رضي الله تعالى عنه أن غير الحرة لا تتقنع.
أخرج ابن أبي شيبة عن قلابة قال: كان عمر بن الخطاب لا يدع في خلافته أمة تتقنع ويقول: القناع للحرائر لكيلا يؤذين؛ وأخرج هو وعبد بن حميد عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: رأي عمر رضي الله تعالى عنه جارية مقنعة فضربها بدرته وقال: القي القناع لا تتشبهي بالحرائر، وجاء في بعض الروايات أنه رضي الله تعالى عنه قال لأمة رآها مقنعة: يالكعاء أتشبهين بالحرائر؟ وقال أبو حيان: نساء المؤمنين يشمل الحرائر والاماء والفتنة بالاماء أكثر لكثرة تصرفهن بخلاف الحرائر فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح انتهى، وأنت تعلم أن وجه الحرة عندنا ليس بعورة فلا يجب ستر ويجوز النظر من الأجنبي إليه إن أمن الشهوة مطلقًا وإلا فيحرم، وقال القهستاني: منع النظر من الشابة في زماننا ولو بلا شهوة وإما حكم أمة الغير ولو مدبرة أو أم ولد فكحكم المحرم فيحل النظر إلى رأسها ووجهها وساقها وصدرها وعضدها إن أمن شهوته وشهوتها.
وظاهر الآية لا يساعد على ما ذكر في الحرائر فلعلها محمولة على طلب تستر تمتاز به الحرائر عن الإماء أو العفائف مطلقًا عن غيرهن فتأمل؛ و{يُدْنِينَ} يحتمل أن يكون مقول القول وهو خبر بمعنى الأمر وأن يكون جواب الأمر على حد {قُل لّعِبَادِىَ الذين ءامَنُواْ يُقِيمُواْ الصلاة} [إبراهيم: 1 3] وفي الآية رد على من زعم من الشيعة أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن له من البنات إلا فاطمة صلى الله عليه وسلم على أبيها وعليها وسلم وأما رقية.
وأما كلثوم فربيبتاه عليه الصلاة والسلام {ذلك} أي ما ذكر من الإدناء والتستر {أدنى} أي أقرب {أَن يُعْرَفْنَ} أي يميزن عن الاماء اللاتي هن مواقع تعرضهم وإيذائهم.
ويجوز إبقاء المعرفة على معناها أي أدنى أن يعرفن أنهن حرائر {فَلاَ يُؤْذَيْنَ} من جهة أهل الريبة بالتعرض لهن بناء عن أنهن إماء.
وقال أبو حيان: أي ذلك أولى أن يعرفن لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن ولا يلقين بما يكرهن لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها، وهو تفسير مبني على رأيه في النساء، وأيًا ما كان فقد قال السبكي في طبقاته: إن أحمد بن عيسى من فقهاء الشافعية استنبط من هذه الآية أن ما يفعله العلماء والسادات من تغيير لباسهم وعمائمهم أمر حسن وإن لم يفعله السلف لأن فيه تمييزًا لهم حتى يعرفوا فيعمل بأقوالهم وهو استنباط لطيف {وَكَانَ الله غَفُورًا} كثير المغفرة فيغفر سبحانه ما عسى يصدر من الاخلال بالتستر، وقيل: يغفر ما سلف منهن من التفريط.
وتعقب بأنه إن أريد التفريط في أمر التستر قبل نزول الآية فلا ذنب قبل الورود في الشرع وإن أريد التفريط في غير ذلك ليكون وكان الله كثير المغفرة فيغفر ما سلف من ذنوبهن وارتكابهن ما نهى عنه مطلقًا فهو غير مناسب للمقام، وجوز أن يراد التفريط في أمر التستر والأمر به معلوم من آية الحجاب التزامًا وهو كما ترى {رَّحِيمًا} كثير الرحمة فيثيب من امتثل أمره منهن بما هو سبحانه أهله، وقيل: رحيمًا بهن بعد التوبة عن الاخلال بالتستر بعد نزول الآية، وقبل: رحيمًا بعباده حيث راعى سبحانه في مصالحهم أمثال هذه الجزئيات. اهـ.